Mad Men - ومضات موسمية لرجال ماديسون / S03



إن كان موسم ١ و ٢ متميزة ... فالثالث يحمل تلك الصورة النقية. صورة لإذهال أرقى مراحل الفن وأكثرها بذاخة

فقط لو حاب تقرأ، تقرأ فعلًا .. لأن هذا موسم غريب في كل مرة تدقق بالتفاصيل، لأن الكتّاب أخذوا نهج مختلف مع الموسم، ينثرون لك قطع كثيرة جدًا ومتناثرة في كل مكان .. حتى تأتي اللحظة لتصبح... صورة غنية.

...






بعد رحلة خلاص خاصة، رحلة بحث عن الذات ووضع الأمور لنصابها الصحيح -أنا فعليًا نسيت قد ايش الموسم ٢ أيقوني كرحلة لدون درايبر- .. يبدأ الموسم ٣ ببداية صادمة إن صح التعبير، أنا نسيتها تمامًا. دون يعود للخيانة والعلاقات العابرة في رحلة عمل. مع تخيلات دون وتذكره أو بالأصح هي تخيلاته فعلًا للحظة ولادته، المشهد نفسه غريب، ومتداخل بشكل جميل .. ومافكرت كثير بمعناه، أعتقد يتمحور حول حالة دون العقلية بهالمرحلة... زي ماذكرت المشهد غريب، لأن طبيعي محد يتذكر يوم ولادته.

قبل أي حديث... هذا الموسم بالتحديد أثقل من ناحية الأفكار اللي تطرح بكل حلقة. كل حلقة مجموعة مهولة من الأفكار تطرح. بعد ٦ حلقات أنت يمديك تكتب وكأنه موسم. كثير لحظات عابرة ولقطات غريبة وزوايا إخراجية تعبيرية سريعة. ليست من أسلوب العمل بشكل عام .. ولكن هي تُفرض لما تقدمه الحكاية من شخصيات حقيقية تتشابك أكثر بعد موسمين ماضية. هالموسم يجمع لنا ضيف جديد مهم على شاشة مادمين .. ضيف يتشكل كشخصية حقيقية، تتعقد وتغدو ثلاثية الأبعاد .. سالي درايبر! بتمثيل ترتقي به الممثلة وما هيا إلا طفلة لتقدمه على الشاشة.

...






بالبداية، في لحظة عودة دون للمنزل بعد الرحلة، نشوف بيتي بأواخر الحمل، وما ننسى إن هالحمل أحد أسباب عودة الأمور لنصابها بينها وبين دون. شيء عجيب... أن تملك كل شيء، ولا يكفيك، ولا تعده شيء حقيقي. هذه طبيعة، وحقيقة إنسانية صريحة وكلنا نأخذ هذا النهج وننسى ما نحن عليه وما نملك. نتمسك بوهم أن هناك شيء آخر يلوح في الأفق. ما زال دون وكأنه لم يتغير ابدًا، يتناسى -تخطينا مرحلة بإنه ينسى، فهو يتناسى- مالديه وما يملك.

هذه صفحة مفضلة كثير عندي بعد الخوض بكتاب Night Fever .. رواية مصورة، تعيد التفكير عن كثب الشخصية الرئيسية لحياته وبما يشعر بها... فهو يملك كل الشيء، والحياة لديه... ولا ينسل ذاك الشعور بفقدان أمرٍ ما، وكأن هناك شيء آخر، شيء لإثبات الذات. شيء آخر يلوح في الأفق.

...






كل هذا مجرد لمحة عن هول هذا الموسم، لننطلق بعدها بحلقة ثانية أيقونية، تستفتح مشاهدها بأغنية:
"Bye Bye Birdie"



ويا ساتر... كمية الأفكار والحفلات معاها، سواء من إنه حساب أحد الشركات فالشخصيات تلقي كثير حوارات وجدل بينها وأفكارها حولها، أو بكل بساطة نعكسها على علاقة دون وبيتي.......... دقيقه بس،،،، ١. هالموسم بنهايته ينفصل دون عن بيتي. ٢. دائمًا دون ينادي بيتي بــ بيردي. ٣. دون قد وصف بيتي درايبر بــ طفلة بأول موسم، لتصرفاتها وذكرتني هالنقطة بعد تعليق لــ بيغي أولسن على الإعلان، لأن الواضح إنها مو حابه الفكرة كإعلان أساسًا، تعليقها كان إنها إمرأة بالغة وتتصرف كأنها في ١٤ من عمرها... وهذا اللي تشوفه حتى بمقطع للممثلين جون هام (دون درايبر) مع جانويري جونز (بيتي درايبر) يأدون الأغنية مع بعض. ممكن تشوفون المقطع هنا:



مباشرة تلاحظ... وهذا اللي تشوفه حتى بمقطع هام وجونز .. فعليًا كأنهم أطفال. ممكن كل هذا مبالغة، وإن الواحد ينظر بزيادة وتعمق سخيف للأمور. بس هذا جزء من المتعة، ومتعة التجربة كــ إعادة. لأنك عالم وواعي بأغلب الأفكار السابقة والمستقبلية، فتستمتع بالتفكير بأصغر النقاط وتتسارع أفكارك كأنه عمل إثارة وغموض ذكي... وماهم إلا شخصيات حقيقية تستطيع التقرب لها في إطار درامي وحياتي... ممكن يُعتبر حتى لأي عابر لهذا الجمال ممل.

*في مشهد لبيغي تقلد الأغنية قدام مرآه... هذا ما تتكلم عنه، المشهد ينشاف وانت ماسك نفسك وبس.

دون درايبر ذو بصيرة وتفكير عالي، تطفو حسرات الاشخاص من حوله ويستطيع رؤيتها، بيغي تحاول تظهر له إن توجه الإعلان غلط، وإنه لازم يتوجه للنساء .. وبكلمات قليله من دون يطرح الفكرة اللي لا بيغي ولا المشاهد ولا أحد يبغى يقولها، لكن دون يعيها ويعمل بها.
"Peggy, I know you understand how this works
Men want her. Women want to be her."


العلاقة التطورية بين دون وبيغي هي تبدأ فعليًا من الثالث

...






بخصوص بيتي درايبر... أعقد شخصية نسائية في العمل. بلا شك وبلا منازع. فعندما بكت في منزل عائلتها؟ احتضنتها الخادمة .. لم يكن والدها، أو زوجة والدها، أو أخيها ولا حتى زوجها. بيتي درايبر شخصية نسائية راقية في موضعها بالعمل لأنوثتها، تتبسم وتسعد بالانتباه الذي يلحقها لجمالها، فعندما وطأت قدماها قلب روما؟ لم تُشعل سيجارة واحدة .. فالكل تدافع ليشعلها لها،،، وكانت أحد علمات الحب التي يظهرها دون لها.


دون وبيتي مع بعضهما ثنائي لا يقهر .. في كل حضور وظهور، هالة تألق شديدة اللمعان



بيتي ليست في حقيقتها لعوبه مع الرجال بعلاقات عديدة .. ولكنها تعاني لأن دون قلل من قدرها ومن منزلتها ذات مرة. تعاني لأنها تتناسى بأنها إمرأة بالغة وذات جمال صاعق وكل تصرف محسوب. فهي تتناسى هيام الرجال بها لطفولة قلبها، تُشجع ذاك الفتى الصغير الغريب (غلين) المعجب بها من دون التفكير بأنها إمرأة بالغة وتبعات أي تصرف بقصد أو دون قصد سيلحق بها. ولطفولة قلبها... لم تعد لدون درايبر في نهاية موسم ٢ إلا بعد علاقة عابرة أقامتها مع أحدهم، وكأنها بهذا الفعل اقتصت من خيانة دون درايبر لها. كما قالت بيغي أولسن عن الفتاة في ذاك الإعلان: تلك أفعال إمرأة بالغة وتتصرف كأنها في الـ ١٤ من عمرها.

دون في حياة بيتي يغيب ويحضر، موجود ولكن غائب... دون حاضر في حياة بيتي على اليسار، وغائب في حياة بيتي على اليمين... منتهى العبقرية ليس بهذه اللقطة وحسب، بل أكثر من تلميح خلال هالموسم بغيابه .. حاضر بالجسد، ولا يقتحم روحها، فروحها خاليه.



لمحة خاطفه أخيرة؛ هاللقطة كانت قبل خيانتها في موسم ٢ ... وهو تصور مشابه للملصق الدعائي للموسم ٥ .. قد يكون لنا حديث وقتها.

...






بخصوص نقطة القطع المتناثرة بهذا الموسم، حتكلم بهذي الجزئية عن كميتها وغرابتها على شكل نقاط، ونخصها فقط لدون درايبر للإختصار رغم الإطالة:

*بسبب التغيرات المهولة بالشركة... دون ضايع ومحبط .. لأنه قبل كان بس يحضر الاجتماعات وينقذ الموقف، الأن لازم يتفرغ ليعقد الاجتماعات. وحتى مع سعيه وتميزه المعتاد ينصدم إن توجه الأشخاص الأكبر بالشركة مختلف ويفرضون عليه مع مين يشتغل ومين لا. وكيف تُدار الأمور المالية. لدرجة إن دون يُحبط بعد آماله بالعيش في مكان آخر، وبيئة آخرى .. وأعتقد جزء من سبب هذا الحماس هو فكرة تألقه في مكان آخر + مكان محد حيشكك فيه وفي شخصيته، وغموض كل ما يجول حوله.... لندن في لحظة واحدة أصبحت أمل فجر جديد لدون درايبر. ومشهد خاطف له عند النوم .. ينظُر للسقف، وابتسامه غبية تعتليه. وينتهي المشهد سريعًا.


*بفكرة (عدم الإلتزام) اللي طرحتها في موسم ٢ .. دون فعلًا لا يفضل الإلتزام... ولهذا السبب كان متمسك جدًا بفكرة إنه ماعنده عقد! نعم الكل يندرج تحت عقد يقيده من الخروج بكل بساطة، يقيده من عدم الذهاب لمنافس بكل بساطه .. دون لا يريد أي من هذا، يريد سلطة الحرية وعدم الإلتزام .. أشبه بخلاص خاص فيه ويتوق لإبقاء الوضع على حاله. ولكن الحياة لا تأتي كما تشتهي... كوبر يُجبره على توقيع عقد، ليصبح دون حبيس سجن جديد من نوع آخر.



*ومع فتحي لباب المشاهد الخاطفة: مشهد آخر له بعد تعرفه على شخص بالمستشفى، وكأنه أصبح صديق... وعند مرور دون به بيوم آخر يتعجب من تجاهل هذا الشخص له. اللحظة بقمة الغرابة وغير مفهومة. مين ما يعجب بــ الكاريزما العالية لدون؟ وما يتحنى فرصة لقاء أخرى؟ .. إجابة فلسفية مني بعد إعادة لحوارهم، ممكن نستشفها بناء على حديثهما: قال لدون "سوف أكون رجلًا أفضل" في لحظة حماسة لولادة طفله .. ممكن دون فقط تذكير بهذا الوعد، ولتصبح "رجلًا أفضل" .. هي عملية طويلة الأمد، مديدة العمر ومريره لكل أمل. ونوادر هم الرجال القادرين على تحقيق التغيير المزعوم.


*تعرف على شخص آخر، بلقاء آخر خلال الموسم، شخص ممكن بالخمسينات من عمره، ذو جسد نحيل ولا يدل على ذاك الكبر .. خلال اللقاء .. دون يقفز فوق الطاولة ويصنع له ولهذا الشخص شراب "محترم" لعدم توفر واحد حقيقي في هذا المكان. بأطراف أحاديث تنتهي سريعًا، نلتقي بهذا الشخص بشكل غير متوقع مرة أخرى بعد بضع حلقات .. وتعجب بطبيعة الحال دون منه وتذكر الشخص له، وهو مدير لسلسلة فنادق. مثل أول لقاء بأطراف حديث ذكية تكتفي بها. مادمين بهذا المستوى.

وبالمناسبة... قد تكون هالشخصية من أذكى شخصيات العمل .. لديه إحساس غريب وسلطة أغرب، لأنه حضر لمكتب دون درايبر ومن النوادر نشوف دون -في مجال عمله- أصغر من الذي أمامه. الشخص فضل جالس على مكتب دون ودون جلس مقابله. لا أعلم لماذا لا أتذكره .. شخصية مهمة وأحد أهم الشخصيات العابرة في عالم مادمين. إنها هيبة من نوع آخر

...






*نقطة أخيرة شخصية بشكل كامل*

في الحياة الواقعية، والحياة العملية .. لا أحد وأعني لا أحد يُريد معرفة حقيقتك، حقيقة ما يؤرق لياليك وأيامك. بين حقيقة دون، وحقيقة سال.. حقيقة سال قد لا يومني النفس بأن يعلم بها أحد. لكن هناك قاعدة لا يمكن إنكارها: إن كنت ترجو تعاطف البشر مع حقيقتك، هي فاجعة تنتظر حدوثها لك لتحطم كرامتك، وتغدو شاعرًا بضعف لفترة طويلة من حياتك، فلا أحد سيتعاطف معك أو يتفهم موقفك .. إنك تعيش لوحدك.

على جانب عائلي، قد تجد هذا الخلاص الذي ترجوه، إن كانوا ذا بصيرة .. وعلى جانب عملي؟ فهذا هو الواقع! ولو كنت ذا منصب فقد يحن قلبك على من بكى أمامك لضعفه، ولكن من الاستحاله أن تكون لفترة طويلة، أنت تريد نتائج. وحقائق أي كائن بشري هي ضعف أمام الغرباء حتى لو ضننت أنهم أصدقاء.... العالم يجعلك أحيانًا تضن أن "الصراحة" هي الحل، الملجأ وحبل النجاة .. فكر كثيرًا قبل أن تظن ذلك. فالعالم أيضًا الأن أسهل في ترك وإيجاد وتكوين علاقات.

من الممكن بأن كلامي يحمل بعض الجنون... لكن في معضلة دون درايبر، بعيدًا عن جميييييع عناصر شخصية دون. لكن بهذا الجانب فقط؛ كيف له تصحيح وقول هويته ببساطة لزوجته؟ .. هناك نتائج عديدة لحقيقة كهذا، فالبعض سيخبرك بأنك محتال! أو يستغلونك! أو تتغير مشاعرهم تجاهك بالرغم من معرفتهم تماما... بروحك، وأصالة مشاعرك، وبريق شخصيتك كإنسان بكل بساطة "جيد" .. دائمًا أرجو بذلك.
...









لقطة ختام... فما هي إلا حياة تعيشها ولا يمكنك إحكام قبضتك عليها

Comments

  1. Thank you i was breathing slowly with each of the last paragraph like hammer hitting on iron far away sound you can hear it you can sense it you could freeze or look into it it comes form inside 👏👏👏 u nailed it

    ReplyDelete
    Replies
    1. I have no idea what to say... love your interest in my thoughts. Have a great day buddy!

      Delete

Post a Comment